سورة الصافات - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الصافات)


        


{وَالصَّافَّاتِ صَفًّا} قال ابن عباس، والحسن، وقتادة: هم الملائكة في السماء يصفون كصفوف الخلق في الدنيا للصلاة.
أخبرنا عمر بن عبد العزيز القاشاني، أخبرنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي، أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي، حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث، حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، حدثنا زهير قال: سألت سليمان الأعمش عن حديث جابر بن سمرة في الصفوف المقدمة فحدثنا عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم»؟ قلنا: وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: «يتمون الصفوف المقدمة ويتراصون في الصف».
وقيل: هم الملائكة تصف أجنحتها في الهواء واقفة حتى يأمرها الله تعالى بما يريد.
وقيل: هي الطيور، دليله قوله تعالى: {والطير صافات} [النور- 41].
قوله تعالى: {فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا} يعني: الملائكة تزجر السحاب وتسوقه، وقال قتادة: هي زواجر القرآن تنهى وتزجر عن القبائح.


{فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} هم الملائكة يتلون ذكر الله عز وجل. وقيل: هم جماعة قراء القرآن وهذا كله قسم أقسم الله تعالى به، وموضع القسم قوله: {إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ} وقيل: فيه إضمار، أي: ورب الصافات والزاجرات والتاليات، وذلك أن كفار مكة قالوا: {أجعل الآلهة إلها واحدا}؟ فأقسم الله بهؤلاء: {إن إلهكم لواحد}.
{رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ} أي: مطالع الشمس قيل: أراد به المشارق والمغارب، كما قال في موضع آخر: {فلا أقسم برب المشارق والمغارب} [المعارج- 40] فإن قيل: قد قال في موضع: {برب المشارق والمغارب}، وقال في موضع: {رب المشرقين ورب المغربين} [الرحمن- 17] وقال في موضع: {رب المشرق والمغرب} [المزمل- 9]، فكيف وجه التوفيق بين هذه الآيات؟
قيل: أما قوله: {رب المشرق والمغرب}، أراد به الجهة، فالمشرق جهة والمغرب جهة.
وقوله: {رب المشرقين ورب المغربين} أراد: مشرق الشتاء ومشرق الصيف، وأراد بالمغربين: مغرب الشتاء ومغرب الصيف.
وقوله: {برب المشارق والمغارب} أراد الله تعالى أنه خلق للشمس ثلاثمائة وستين كوة في المشرق، وثلاثمائة وستين كوة في المغرب، على عدد أيام السنة، تطلع الشمس كل يوم من كوة منها، وتغرب في كوة منها، لا ترجع إلى الكوة التي تطلع منها إلى ذلك اليوم من العام المقبل، فهي المشارق والمغارب، وقيل: كل موضع شرقت عليه الشمس فهو مشرق وكل موضع غربت عليه الشمس فهو مغرب، كأنه أراد رب جميع ما أشرقت عليه الشمس وغربت. {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ}.
قرأ عاصم، برواية أبي بكر: {بزينة} منونة {الكواكب} نصب، أي: بتزييننا الكواكب، وقرأ حمزة، وحفص: {بزينة} منونة، {الكواكب} خفضا على البدل، أي: بزينة بالكواكب، أي: زيناها بالكواكب. وقرأ الآخرون: {بزينة الكواكب}، بلا تنوين على الإضافة.
قال ابن عباس: بضوء الكواكب.


{وَحِفْظًا} أي: وحفظناها حفظا {مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ} متمرد يرمون بها. {لا يَسْمَعُونَ} قرأ حمزة، والكسائي، وحفص: {يسمعون} بتشديد السين والميم، أي: لا يتسمعون، فأدغمت التاء في السين، وقرأ الآخرون بسكون السين خفيف الميم، {إِلَى الْمَلإ الأعْلَى} أي: إلى الكتبة من الملائكة.
و{الملأ الأعلى} هم الملائكة لأنهم في السماء، ومعناه: أنهم لا يستطيعون الاستماع إلى الملأ الأعلى، {وَيُقْذَفُونَ} يرمون، {مِنْ كُلِّ جَانِبٍ} من آفاق السماء بالشهب. {دُحُورًا} يبعدونهم عن مجالس الملائكة، يقال: دحره دحرا ودحورا، إذا طرده وأبعده، {وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ}.
دائم، قال مقاتل: دائم إلى النفخة الأولى، لأنهم يحرقون ويتخبلون. {إِلا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ} اختلس الكلمة من كلام الملائكة مسارقة، {فَأَتْبَعَهُ} لحقه، {شِهَابٌ ثَاقِبٌ}.
كوكب مضيء قوي لا يخطئه يقتله، أو يحرقه أو يخبله، وإنما يعودون إلى استراق السمع مع علمهم بأنهم لا يصلون إليه طمعا في السلامة ونيل المراد، كراكب البحر، قال عطاء: سمي النجم الذي يرمى به الشياطين ثاقبا لأنه يثقبهم.
{فَاسْتَفْتِهِم} أي: سلهم، يعني: أهل مكة، {أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا} يعني: من السموات والأرض والجبال، وهذا استفهام بمعنى التقرير، أي: هذه الأشياء أشد خلقا كما قال: {لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس} [غافر- 57] وقال: {أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها} [النازعات- 27].
وقيل: {أم من خلقنا} يعني: من الأمم الخالية، لأن {من} يذكر فيمن يعقل، يقول: إن هؤلاء ليسوا بأحكم خلقا من غيرهم من الأمم، وقد أهلكناهم بذنوبهم فما الذي يؤمن هؤلاء من العذاب؟ ثم ذكر خلق الإنسان، فقال: {إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ} يعني: جيد حر لاصق يعلق باليد، ومعناه اللازم، أبدل الميم باء كأنه يلزم اليد. وقال مجاهد والضحاك: منتن.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8